26‏/10‏/2013

هـن الطوفـــان..



في تحدي سافر أقدمتُ عليه مع أبي مفاده أنّي سأقود السيارة يوماً وهو شخصياً من سيعطينّي المفتاح بيده .. أُلغيت أهليتي، و ربع قرن من عمري حسنة السيرة و السلوك, وتعليمي الأكاديمي, ورجاحة عقلي المشهود بها وأصبحت مجنونة ..هكذا جزافاً ..وحد هذا الجنون القتل..!
وهو تهديد أخير وحل أخير يقوم به كل الولاة على الأرض حين تخونهم شجاعتهم في استيعاب أي متغيرات لا تروقهم ..نعم .. يكفي أن لا تروقهم.
وما لا يروقهم قد يكون حاجة مُلحة دعت الضرورة استحداثها ولا تنافي شرع أو عقل.. أو قد تكون مطالب تحفظ كرامة الإنسان وتوفر له الحد الأدنى من حياةٍ كريمةٍ .

كانت تدور أحداث هذه اللعبة الكلامية على طاولة الود وعشاء شهي عائلي وبلاعبين افتراضيين الأبنة المتمردة والأب القامع تحت مظلة المُزاح، لكن يقيني ويقينه أنها لا تخلو من حقيقة.

للحظة شعرت بأسف عميق.. وهو بالمناسبة -أقصد أبي- من عمل على إطلاق عقلي والدفع على تحرره من قيود الحجّر على عقل المرأة أو تسفيهه.. وتمنيتُ الجنون..!

صرخت قائلة: أتعلمون أنّي نادمة على حشو حياتي بمسائل العقل وأتمنى لو يعود بي الزمن أصغر حتى أمارس بعض تفاصيل الجنون والتهور.. ولا يهم أن تم عقابي، يبقى الجنون مُعارض صريح لما يدّعيه ويدعون له العقلاء..
لكن المؤلم عقابي لأني أريد حق يكفله العقل..!
وحينما ساد الصمت.. وفي محاولة من أمي لتلطيف الجو بعد إحساسها الفطري بتوتر الوضع, أطلقتْ ضحكة وهي تتنقل بين طيات ذاكرتها وقالت: منذ صغركِ ما عهدتكِ مجنونة كنتِ دائما عاقلة خلا مرة دخلتُ عليك تدورين معصوبة العينين لم أتمكن من انقاذكِ حتى اصطدمتِ بالجدار و أُصبتِ في رأسكِ وعانيتِ نزيفاً.
ابتسمتُ وقلتُ: لربّما أصبتُ بالجنون وحاولت الدوران معصوبة العينين..!

وهكذا فهمت إن ارتفاع وتيرة التوتر رداً على كل المطالب الضرورية ستخلق جنوناً مركباً، يشبه الدوران معصوب العينين في محيط مليء بالجدران وصِدام يُكلف نزيفاً.
 
خلاصة القول.. مهما علت تلك الجدران وسمُكت ستنال السعوديات حقوقهن بالنزف أو الضمادات ..
السعودية أطول قامة من تلك الجدران وأمتن إرادة ,هن الطوفان .